رحلتي.. عبدالوهاب الأصبحي: وسمِعَتْ مريم

07/06/2017
الأنباء
رحلتي.. عبدالوهاب الأصبحي: وسمِعَتْ مريم

قال المخرج في «الرحمة العالمية» عبدالوهاب الأصبحي: بداية دخولي الى المجال الخيري والإنساني كانت من خلال القصص التي كان يحكيها لي والدي أمين عام جمعية المنابر القرآنية سعيد الأصبحي عن العمل الإعلامي داخل العمل الخيري والإنساني واثره الكبير عليه، وكانت لدي هواية التصوير، وكنت أنميها باستمرار، فقلت في نفسي: لماذا لا أكون أحد ناقلي الصورة الحقيقية عن الأوضاع الإنسانية في كل مكان؟ وكانت الأحداث السورية في بدايتها، فانضممت الى فريق العلاقات العامة والإعلام في الرحمة العالمية، وكانت أول زيارة لي إلى سورية.
وتابع الأصبحي: وقتها لم يكن الدخول الى الداخل السوري ممنوعا من الخارجية الكويتية، فطلبت من الجمعيات الشريكة أن أدخل الى سورية، وبالفعل دخلت عن طريق بوابة تبعد عن مدينة الريحانية التركية ساعة تقريبا، ومكثت في مدينة حلب ليومين، وهناك وجدت من المعاناة ما لم أره قط في حياتي، ولكني عشتها معهم، فسماع صوت المدافع، ومشاهدة الدخان المتصاعد كفيلان بأن تشعر الإنسان بالرعب والخوف من المجهول، ثم طُلب مني الخروج والعودة الى تركيا بسبب تدهور الوضع، وفي طريق العودة قرب الحدود السورية وجدت مخيما للاجئين، فطلبت زيارته، وأثناء تجولي في المخيم، وإذا بطفلة تنشد في خيمتها، وكان الأطفال من حولي ينظرون في شاشة الكاميرا ويضحكون لمشاهدة صورهم، فاقتربت من الخيمة، فإذا بطفلة صغيرة تخرج من الغرفة وتقول: «عمو صورني».
فسألتها: ما اسمك؟ قالت: فاطمة، فقلت: لن أصورك حتى تنشدي لي.
فسألتني: ماذا تريد أن أنشد؟ فقلت: أي أنشودة تريدين، وقبل ان تنشد طلبت منها ان ندخل خيمتها المحاطة بالطين بسبب الأمطار، فرأيت سقفها الممزق، وحزاما معلقا يستخدمونه كأرجوحة فقلت في نفسي: هذه الطفلة تعيش يومها ولا تفكر في المستقبل، ثم قلت: اجلسي على الأرجوحة وانشدي، فجلست وأخذت تنشد:
أبكــي على شــام الهوى
بعيـــون مظلـــوم مناضل
وأذوب فـي ساحـــاتهـــا
بين المساجـــد والمنــازل
ربّــــاه سلّــم أهلــها
واحمي المخارج والمداخل
واحفظ بـــلاد المسلمــين
عــن اليمــائن والشمــائل
أخذت تنشد وأنا أصورها وأتساءل: إلى متى سيبقى هذا الحال؟ لماذا كل هذا الإجرام في حق الإنسانية حتى سلب من الأطفال فرحتهم؟ فهم يعيشون غير زمنهم مثل فاطمة، وجدير بكل من يملك الإنسانية ان يفكر ماذا أستطيع ان أقدم لكل فاطمة.
وأضاف الأصبحي ان هناك العديد من القصص التي تقشعر لها الأبدان، فمن «فاطمة» الى «مريم» تلك البنت التي قابلتها في القافلة الطبية التي سيرتها الرحمة العالمية بالتعاون مع فريق الأمل الطبي التابع للجمعية الطبية الكويتية، فبعد ان انتهى الطبيب من الكشف على أحد المرضى، جاءت الممرضة لتخبرنا بأن أبا وابنته في الخارج، قال الطبيب: نحن هنا من أجلهم، فدخلت البنت بهدوء وهي ممسكة بيد ابيها، نظرت الينا ثم ابتسمت بخجل، سألها الطبيب: ما اسمك؟ لم ترد..! قلت في نفسي: لعل الخجل جعلها تتجاهل سؤاله؟ أخذت تنظر ما حولها.. سألتها: ما اسمك؟ لم ترد على سؤالي...! قلت: يبدو ان الخجل مازال ساري المفعول..! وقف الطبيب من خلفها وقام بالتصفيق عند أذنها.. قلت: لعله أراد ان يمزح معها، ويكسر اي حاجز للخجل.. لكنها: لم تلتفت.. وكأن شيئا لم يحدث! أثار الموقف دهشتي وألمي.. سأل الطبيب أباها عن اسمها وعمرها، أجاب: انها مريم، 5 سنوات، قال لي الطبيب: هي لا تعرف اسمها ولم تسمعه من قبل، انها بحاجة لعملية زراعة قوقعة.
سألته ـ وأنا أرى فيها ابنتي التي في عمرها: هل العملية صعبة؟ قال: ليست صعبة، ولكنها مكلفة قليلا، وإن لم يتكفل أحد بعلاجها فلن تعرف اسمها أبدا، قلت في نفسي وأنا أنظر اليها: لا تحزني يا مريم ستسمعين اسمك قريبا.
فقام نادي «مهندسو الغد» التابع للاتحاد الوطني لطلبة الكويت فرع الجامعة بحملة تحت شعار «ستسمعني مريم» لجمع 8 آلاف دينار لكي تسمع مريم، وبالفعل دخلت مريم الى تركيا وأجرت العملية ونجحت العملية وسمعت مريم.